المخ مهد الحب وليس القلب...سبحان الله[right][center]المخ مهد الحب وليس القلب...سبحان الله
استناداً لأحدث الأبحاث العلمية والدراسات الطبية ونقول «المخ مهد الحب والقلب يخفق لمشاعر الغرام».
ونتحدث بالتفصيل لماذا وكيف نحب وما الحب ولماذا هو أو هي بالذات؟ اسئلة تشغل بال العلماء والادباء
والمفكرين والادباء والشعراء.كما تتساءل الفنانة الشهيرة سعاد محمد «مين السبب في الحب القلب ولا العين».
ونورد إجابة الأطباء عن هذه الأسئلة الإنسانية العاطفية النفسية والجسدية الفسيولوجية والكيميائية الحيوية.
ونتطرق الى اجابة الشعراء والادباء والكتاب والفنانين من خلال أعمالهم الادبية والفكرية والشاعرية
وحتى الغنائية وكلهم يحاول ويهدف الى معرفة اسرار النفس البشرية ومعرفة ما يحدث في جسم الانسان
خلال تلك العاطفة الجياشة.
والاطباء اليوم يدركون تماماً ان كل عواطف الإنسان وانفعالاته انما هي عملية كيميائية تحدث نتيجة لمنبه
معين ينتج عنه موجات كهرومغناطيسية تؤدي اما الى التجاذب وإما التنافر فمن خلال نظرة العين أو لمسة
من نوع خاص او من رائحة عطر ذكية تشتمها الأنف أو صوت حنون يصل الى القلب عبر الاذن من خلال ذلك
تحدث للإنسان تغيرات كيميائية تجعله يعيش وقتاً سعيداً.
وللادباء والشعراء والمطربين تراث هائل في هذا المجال وجاء الطب الحديث ليؤيد ما كتبوه وما شدوا به.
واتفق الطب الحديث والادب في الدور الذي تلعبه الحواس الخمس في الهاب مشاعر الحب والود والحياة
الزوجية وعبر عن ذلك أمير الشعراء «أحمد شوقي» وأكد على حقيقة طبية ادبية انسانية عندما قال
«نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء» ثم يحدث الحب وتلتقي المشاعر والعواطف.
تأتي هذه الدراسة بكل ما تحتويه من حقائق علمية لتكون فرصة جيدة لتجديد مشاعر الحب والود بين الأزواج
وعودة الدفء والسعادة والشوق كنشأته الأولى بين الأزواج والتي انطفأت بفعل عوامل كيميائية
وفسيولوجية وليس للإنسان في هذا الشأن حيلة.
الطب علم وفن ومنطق وفلسفة وهو مجموع كل المعارف البشرية لأنه موضوع الإنسان وهو ايضاً هدف الإنسان.
يبحث في كوامن النفس البشرية من أجل اسعادها لأن السعادة والرضا والطمأنينة هي سر صحة الإنسان
الجسدية قبل النفسية.
ويعتبر الحب والكراهية هما أهم الانفعالات النفسية والإنسانية وتأثيرهما عظيم على الإنسان.
ونبدأ بعاطفة الحب التي طالما كانت الشغل الشاغل للادباء والشعراء والمفكرين والكتاب قبل الاطباء والعلماء.
ما هو الحب؟
يصعب وصف الحب لأنه مزيج من الانفعالات الانسانية التي تختلط وتتواجد في آن واحد.
خليط من الانفعالات المتداخلة الفرح والحزن - السعادة والشقاء - الألم والراحة - القلق والاسترخاء -
العذاب والمتعة- الطمأنينة والخوف.
كل هذه المشاعر مجتمعة او متناوبة تحقق حالة من النشوة حالة غريبة محيرة يشعر بها
الشخص العاشق يحار في وصفها ولكنه يتمسك بها لانها تخلقه خلقا جديدا.
خليط من المشاعر يمتزج فيخلق حالة انفعالية لا يدركها الا من عايشها ومن عاينها يستعذبها
ويتشبث بها فمن خلالها يدرك ما لا يدركه احد ويرى ما لا يراه أحد ومن خلالها يعيش حياة جديدة.
انها ميلاد جديد ميلاد عبقري يشبه انفعالات المبدعين في لحظات الابداع التي يصعب وصفها ولكن
يمكن وصف استجابة النفس والجسد لها حين يشعر ألما وسعادة في آن واحد.
وربما تتشابه معها من بعيد تلك اللحظات التي تعيشها الأم وهي تستقبل مولودها الجديد
في تلك اللحظة يجتمع الألم والسعادة فتنشأ عنهما تجربة انفعالية فريدة.
المخ مهد الحب والغرام
النقطة الاساسية التي يختلف فيها الاطباء مع الشعراء والادباء هي مصدر الحب فالأبحاث الطبية
تقول ان كل عواطف الانسان وانفعالاته انما هي عملية كيميائية تحدث نتيجة لافراز منبه معين
تنتج عنه موجات كهرومغناطيسية تؤدي إلى التجاذب او التنافر.
وتبدأ هذه التغيرات الكيميائية من المخ عندما تصل المنبهات من مختلف حواس الجسم من خلال
الاعصاب والقنوات العصبية لتصل إلى اعضاء الجسم المختلفة عبر الدورة الدموية.
فدقات القلب المتسارعة والشعور بالخفقان واحمرار الوجه والعرق وبرودة الاطراف وغير ذلك مما
يحدث عندما يرى الحبيب محبوبته انما هي في الحقيقة نتيجة لافراز كيماويات معينة نتيجة للحالة
النفسية مثل «نورادرنالين ودوبامين»، وبعض المفيتامينات المنشطة.
ومن هناك جاء الاعتقاد بان القلب هو مهد الحب او السبب فيه ومصدره لكن حقيقة الامر انه عبارة
عن مضخة تدفع الدم إلى جميع اجهزة الجسم وانسجته وخلاياه وان دقاته السريعة والمتوترة ما هي
الا رد فعل لهذه الكيماويات التي يفرزها الجسم.
كيمياء الحب الرومانسي
تصل الرسائل عن طريق الحواس الخمس بما تحمل من مشاهد ومشاعر واحاسيس ورغبات إلى المخ
لتحدث تغيرات كيميائية.
والمنبهات المرسلة من الحواس الخمس تنتقل من خلال الاعصاب والقنوات العصبية لتصل إلى اعضاء
الجسم من خلال الدم، لتحدث الاعراض التي تظهر على المحب.
ذلك لان كيمياء المخ تنتج مادة تسمى «فتيل ايثيل امين PEA»، وهي من المواد المنشطة من أبناء
عمومة «الامفيتامينات»، وعندما تلتقي شخصا تجذب اليه يكون هذا الاعجاب هو الشرارة التي تطلق
هذه المادة فتعطينا حالة السعادة والانطلاق والنشاط الا ان هذه المواد لا يستمر افرازها بنفس المعدلات العالية التي تفرز في بداية الحب.
وبالتالي فان بعض العلماء يقول «ان الحب الرومانسي»، او الجارف او الملتهب قصير العمر والسبب ف
ي ذلك ان الجسم يقاوم هذه المادة «فتيل ايثيل امين PEA»، كما يقاوم بقية الامفيتامينات.
وذلك مثلما يحدث في حالات الادمان لهذا فانه وبعد ان كان المزاج يتأثر بجرعة معينة نجد ان الجسم
ومع مرور الوقت يحتاج إلى جرعة أكبر كي يحصل على نفس التأثير.
والشائع انه بعد مرور ثلاثة او اربعة اعوام من بداية الحب الرومانسي يصاب الانسان بالملل نتيجة
نقص هذه المادة من المخ واحتياجه لكمية اكبر منها، ولذلك يوصي العلماء بضرورة ان يحاول الحبيبان
تجديد اواصر العلاقة العاطفية بالتمتع بالاجازات والاسترخاء والرحلات الترفيهية الممتعة التي تجدد
النشاط كلما شعرا بسحابة الملل.
وذلك ليحفز المخ على انتاج هذه المواد الكيميائية بالكميات المطلوبة لعودة الحرارة إلى علاقة الحب
ومشاعر الغرام.
ولعل الحديث النبوي الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعبر عن هذه الحقيقة العلمية الطبية
الفسيولوجية الكيميائية بقوله: «اذا احب احدكم احدا فليقل له اني احبك فذلك يزيد الحب بينهما».
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالاحساس وحده لا يكفي ولكن لابد من الافصاح عن العواطف لتجديد اواصر الحب بين المحبين
فسيولوجيا الحب والغرام
أثبتت الابحاث الطبية ان مستوى مادة «PEA» يكون اكثر عند المرأة منه عند الرجل خصوصا في فترة
التبويض وهي الفترة التي تكون فيها الاثارة الجنسية والاستعداد في الجهاز التناسلي اعلى من اي
فترة اخرى.
وكأن المولى عز وجل قد اراد ان يكون استمرار الخلق في ذرية آدم عليه السلام من خلال الجنس
مقترناً بالحب والرومانسية وايضا المتعة.
اما المادة الاخرى المسؤولة عن هذا الملل والضيق بعد الحب الرومانسي فهي مادة «B-ENDROPHIN»
التي تعرف في اللغة العربية «اندروفين - ب» وهي افيونات طبيعية تسمى «الأفيون البشري» يفرزها المخ
والجهاز المناعي للانسان ونقصها يؤدي إلى اضطرابات في السلوك والمزاج الطبيعي للانسان والاحساس
بالاكتئاب.
والاندروفينات هي مواد طبيعية مطمئنة تعطي الاحساس بالامان والاستقرار وتقلل شعور الانسان بالالم
وقد ثبت ان وفاة احد الشريكين الحبيبين تقلل من الجرعة التي يفرزها الجسم من هذه المادة ما يجعله يشعر بالقلق وفقدان الامان والاكتئاب النفسي والميل إلى العزلة.
ومن المهم جدا ان يحدث التوازن بين العواطف الملتهبة الرومانسية والانطلاق والنشاط الذي تسببه
الامفيتامينات ومادة «PEA» وبين مشاعر الاستقرار والامان واعتدال المزاج الذي تسببه الاندروفينات
حتى يستمر ايقاع الحياة ومشاعر الحب والود بين المحبين وتستمر ممارسة الجنس بينهما كنوع
من المتعة والاستمتاع لا كنوع من اداء الواجب والروتين.
وهناك هرمون آخر يدخل في تفسير الاصل الكيميائي للحب والجنس وهو هرمون
«اوكسيتوسين - OXytacin» وتفرزه الغدة النخامية في المخ وله عدة وظائف منها المساعدة
على انقباض العضلات الملساء وهو يساعد عند النساء على انقباض عضلات الرحم بعد الولادة
فيمنع النزيف الرحمي وعودة الرحم لحجمه الطبيعي كما انه يلعب دورا مهما في افراز حليب الام
من الثدي مع هرمون «البرولاكتين» اي هرمون الحليب.
والجديد الذي يقوله العلماء ان هذا الهرمون هو الذي يضفي على الرجل والمرأة الشعور بالسعادة
عند ممارسة الجنس والعلاقة الجنسية الحميمة والشعور بالسعادة أثناء الممارسة لهذه العلاقة
مرتبط بافراز هذا الهرمون عند كل من الزوجين.
أدمغة المحبين
دراسة حديثة أجريت حاولت الكشف على عقول المحبين أظهرت نتائجها للباحثين ان دماغ العاشق
يفرز سلسلة من المواد الكيماوية المنشطة.
ومن شأن هذه المواد إحداث حالة من النشوة تشبه إلى حد بعيد الشعور الذي يصاب به المدمنون
على المنبهات والمهدئات بأنواعها.
وقد وجد العلماء ان المواد التي يفرزها الدماغ أثناء الوقوع في الحب مادة «فنيل اثيل أمين» الموجودة
في الشيكولاته ويدمن الشخص على تلك المواد التي يفرزها المخ.
ويفترض العلماء أن تكون مشاعر العذاب والتي تنتج عن الانفصال عن الحبيب وفقده مشابهة بشكل
أو بآخر الشعور الذي يصيب الأشخاص المدمنين الذين يحاولون ترك هذا الادمان.
مشاعر الكراهية تبدأ من المخ
يرسخ في أذهان معظم الناس أن القلب هو المسؤول عن مشاعر الحب أو الكراهية فالقلب ليس له
علاقة بالحب أو المشاعر الإنسانية لكن المسؤول عن هذه المشاعر هو المخ.
هذا ما اكتشفه علماء بريطانيون الذين أكدوا أن السر في حب أشياء معينة دون أخرى هو مسؤولية
مراكز المخ التي تتكون منها مشاعر الحب والكراهية لدى الإنسان قبل أن تظهر على سلوكه.
وأشار البروفيسور سمير زكي والبروفيسور جون رومايا من جامعة لندن إلى ان الشعور بالكراهية
ينشط مراكز أخرى لمشاعر متقاربة مع الكره مثل الخوف والغضب، ولكن الكراهية تشاطر الحب
مركزين من مراكز المخ.
وتوصل علماء الأعصاب إلى ان مركزاً في المخ يُعرف باسم « بوتامن » والمنطقة المعروفة باسم « نسولا »
ينشطان عندما يساور الإنسان شعور بالحب أو بالكراهية.
ويوضح البروفيسور سمير زكي ان مركز « بوتامن » يمهد لحركات الإنسان وليس عندما يصادق الإنسان
شخصا يكرهه فحسب ولكن أيضاً عندما يظهر المنافس على الشخص المحبوب.
أما منطقة « انسولا » فإنها تنشط كرد فعل على الإثارة المقلقة « ويمكن للوجه المحبوب أو الوجه المكروه
أن يمثل هذه الاثارة حسبما أشار العلماء كما تنشط مشاعر الكراهية مراكز أخرى في المخ إلى جانب
المركزين المذكورين وهذه المراكز على صلة بالمشاعر العدائية أيضاً».
واستطاع العلماء باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي مراقبة ردود الفعل في مخ 17 شخصاً
من المشاركين في التجارب عندما كانوا يشاهدون صوراً لأشخاص محبين وآخرين مكروهين
لديهم وغالبا ما كان هؤلاء المكروهون محبوبين سابقين أو منافسين في المجال الوظيفي.
واستخدم الباحثون صورا محايدة بالنسبة للأشخاص المشاركين في التجربة للمقارنة بين ردود أفعالهم
لدى رؤية المكروهين وردود الفعل لدى رؤية الأشخاص العاديين.
هل تختلف مشاعر الحب بعد الزواج؟
جاءت دراسة اميركية حديثة صادرة عن جامعة ميامي لتؤكد ان الشعور بالحب يساعد على افراز
مادة «الدوبامين» داخل المخ التي تعطي الاحساس باللهفة والرغبة.
وكذلك اعراض القلق التي قد تصاحب الحب مثل خفقان القلب وجفاف الحلق ورعشة اليدين لكنهم
وجدوا ان بعد الارتباط والزواج يفرز المخ مادة اخرى هي «الاوكسيتوسين» التي تعطي الاحساس
بالأمان والراحة والألفة لذلك نجد شعور الطرفين نحو بعضهما بعد الزواج قد اختلف عن فترة الخطبة
وبالتالي فالتضحية لا ترتبط بفترة دون اخرى.
وانما ترتبط برغبة في انجاح الاسرة وتحقيق الاهداف المشتركة كذلك فإن القدرة على التضحية تختلف
من شخص لاخر فهناك رجال كثيرون يقدمون على التضحية مثل النساء تماما في حين ان بعض السيدات
يكن اقل تنازلا من ازواجهن.
ومن جانبه، اوضح الدكتور طارق عكاشة استاذ الطب النفسي جامعة عين شمس ان الحب الحقيقي
الذي يستمر لسنوات هو الذي يجمع بين مشاعر الرغبة واللهفة مع الاحساس بالأمان والراحة في آن واحد.
واثبتت دراسات علمية ايطالية ان العمر الافتراضي للحب لايزيد على عام واحد فقط من اشتعال جذوته
ما ينفي هرشة السنة السابقة التي يعتقد ان شعلة الحب تنطفي عندها.
واثبتت الدراسة العلمية الايطالية ان الحب الرومانسي لايدوم لأكثر من عام واحد بقليل ثم يتلاشى
وتخفت جذوته ويتحول الى ذكريات.
والتفسير العلمي لهذه النتائج وفق باحثين بجامعة « بافيا » تشير الى ان كيمياء المخ قد تكون مسؤولة
عن شرارة الحب الاولى وارتفاع معدلات بروتين معين يطلق عليه نيروتروفنيز له علاقة بمشاعر النشوة.
واستندت هذه الدراسة الى اختبارات اجريت على مجموعة من الناس في علاقات قصيرة وطويلة
او من دون علاقة ووجد من خلالها ان معدل هذا البروتين يتباين.
ووجدت الدراسة ان معدل هذا البروتين كان مرتفعا لدى بدء العلاقة في حين تراجع الى المعدل الطبيعي
بعد مرور عام عليها.
وقال الباحث برحلويجي بوليتي « ان ذلك لايعني اختفاء الحب وانما يعني فقط ان جذوة الحب لم تعد
متقدة فالحب بات اكثر استقرارا فيبدو ان الحب الرومانسي قد انتهى».
واضاف قائلا: «من هذه الدراسة يتبين ان كيمياء المخ التي تلعب دورا في تغير المزاج تتغير ما بين بداية
العلاقة واخذها منحى اكثر استقرارا».
وقال الدكتور لانس وركمان استاذ الطب النفسي «ا ن الحب الرومانسي يخفت بعد سنوات قليلة
ويتحول الى عشرة ولاشك ان عوامل بيولوجية معينة تلعب دورا في ذلك».
منقوووووووووول
( من اعداد د. أحمد سامح)